البيـــوع الفاســـدة وآثارهـــا دراسة فقهية مقارنة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس الفقه بقسم الشريعة الإسلامية

المستخلص

إن المال والعقود الواردة عليه عصب الحياة في کل زمان ومکان، ومنشأ کثير من الصراعات والمنافسات وربما کان ذلک سببا لحروب طاحنة مستمرة، والطمع والجشع الإنساني هو وراء کل تلک الأحداث والخلافات مما أدى إلى کثرة المحاکمات وشغل ساحات القضاء بأنواع متعددة من القضايا المالية ومشکلات العقود الناشئة عند التنفيذ أو التطبيق لأي نظام، بسبب الجهل أحيانا أو سوء النية أحيانا أخرى، أو الحرص على تحقيق النفع الخاص على حساب الآخرين في الکثير الغالب.
 لکل هذا تبدو الأهمية الکبرى لمعرفة أحکام الشريعة الإسلامية في نطاق المعاملات، وتزداد هذه الأهمية في وقت اقتصر فيه المسلمون على أداء العبادات وإهمال أحکام الشريعة في العقود والمبادلات متناسين قول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالعُقُودِ) سورة المائدة من الآية(1) وقوله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْکُلُوا أَمْوَالَکُمْ بَيْنَکُمْ بِالبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَکُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِّنْکُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَکُمْ إِنَّ اللَّهَ کَانَ بِکُمْ رَحِيمًا) النساء الآية (29)
ولعلنا نلاحظ ما اشتملت عليه الآية الکريمة من الجمع بين أمرين متلازمين هما أکل بالباطل، والاقتتال أو قتل الناس بعضهم بعضا الذي ينشأ غالبا عن الأمر الأول.
ومن هذا المنطلق جاءت دراستي لموضوع البيوع الفاسدة وبيان أحکامها، حتى يکون الفساد واضحا جليا، وحتى تقع معاملة الإنسان صحيحة موافقة لما شرع، بعيدة عن الحرام والشبهات وهذا ما تهدف إليه هذه الدراسة المتواضعة وإني لأرجو الله العلي القدير أن يعينني على تحقيق هدفي وغايتي، وأن ينفع بهذه الدراسة کل طالب للحق، حريص على أکل الحلال الطيب، وأن يقع هذا العمل في عيون الناظرين فيه موقعا حسنا فإن وجدوا فيه من صواب فهو بتوفيق الله تعالى، وإن رأوا فيه ضعفا أو نقصا أو قصور فهذا من أنفسنا – فاستغفر الله – تعالى-  من ذلک وليلتمسوا لي العذر فإن لم يجدوا عذرا فليقولوا لعل له عذرا، ويصلحوا ما وقعت فيه من الخطأ والسهو والنسيان فالکمال لله وحده – جل وعلا – والعصمة لأنبيائه ورسله، والنقص من شيمة البشر (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِننَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا کَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الکَافِرِينَ) البقرة الآية (286)