الولاء والبراء نظرة في مذهب الأشاعرة ومذاهب المخالفين

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس العقيدة والفلسفة بکلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة

المستخلص

الولاء والبراء .. نظرة في مذهب الأشاعرة ومذاهب المخالفين
الحمد لله المتفرد بالبقاء، المتنعم على خلقه بالوجود بعد الفناء، المعبود الحقيق منا بالولاء، وصلاة وسلامًا على سيد الخلق والشفعاء، وعلى آله وصحبه ومن تمسک بسنته ليکون من السعداء.
أما بعد ،،،
فإنه لما تقاصرت أفهام بعض الناس عن النظر في حقائق الدين وخلطوا فيه بين الأصول والفروع، ثم عَنّ لهم ـ بناء على ما فهموه ـ أن يطلقوا أحکامًا ويرتبوا آثارًا تناقض أصول الدين وتحکم على الموحدين بالمروق من الدين، ولما فهموا حقيقة الإيمان فهمًا مغلوطًا، وأدخلوا فيه ما ليس منه ــ أودعوا عقولهم وکتبهم ما يسمى بمعتقد الولاء والبراء، وعدوه عقيدة مستقلة قائمة بذاتها، بل سموه بالرکن الرکين في العقيدة، وصاروا يُقسِّمون الناس تبعًا لمعتقد الولاء والبراء إلى مؤمن موالٍ وغير مؤمن انتقض إيمانه؛ لعدم موالاته المؤمنين، ثم صَور لهم مريضُ خيالِهم بعد ذلک أنَّ جملةً من الأعمال والأفعال تدخل في باب الإيمان، وليست منه في شيء.
ولما لم يجدوا في القرآن والسنة ما يؤيد مطلبَهم تأولوا الآياتِ والأحاديثَ وحمَّلوها ما لا تحتمل، وجعلوا المطلق مقيدًا والخاص عامًا والواضح مبهمًا، وأخذوا بنص دون نص.
ولما کان الأمر کذلک، واشتد علَى ساعدِه أردت أن أبين حقيقة الولاء والبراء وموقعَه في البنية الإسلامية، مشيرًا إلى عدم وروده بشکل مستقل في کتابات المتقدمين، وعليه أورد عليهم هذا الاستفهام: لماذا لم يدرج في باب العقائد کما يفعل هؤلاء اليوم؟
ومسألة الولاء والبراء هذه استغلها المغرضون ليبثوا سمومهم داخل المجتمع، تارة بالإفراط وتارة بالتفريط، فترى هؤلاء مقصرين في هذا الباب، وأولئک متشددين، مع أن الأمر خلاف ذلک، ولقد صرح الطاهر ابن عاشور في کتابه الماتع التحرير والتنوير بأن علماء السنة قد اتفقوا على أن ما دون الرضا بالکفر وممالاتهم عليه من الولاية لا يوجب الخروج من الربقة الإسلامية، ولکنه ضلال عظيم، وهو مراتب في القوة، بحسب قوة الموالاة، وباختلاف أحوال المسلمين.([1])
فکأن الطاهر بن عاشور يرى الفريقين أمام عينيه أحدهما يکفر، والآخر يريد ذوبانًا للأمة وتمييعًا لخصوصياتها.
کل ما سبق کان دافعًا لدراسة هذه المسألة وبيان ما قيل فيها جمعًا بين الأقوال والنصوص وإعمالاً لقواعد الشريعة وضوابطها.
وقد عنونت لهذا البحث بـ (الولاء والبراء نظرة في مذهب الأشاعرة ومذاهب المخالفين)



[1] سيأتي قوله داخل البحث.بالتفصيل. ، انظر: التحرير والتنوير، الطاهر بن عاشور، مؤسسة التاريخ العربي،بيروت، الطبعة الأولى، 2000م،ج 5 ص 131