منهج العلامة الدمنهوري - ت 1192هـ - في تفسيره المسمى بـ (الفيض العميم في معنى القرآن العظيم)

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس التفسير وعلوم القرآن بکلية أصول الدين بالقاهرة

المستخلص

الحمد لله علَّم القرآن وعلم بالقلم، أخرجنا بهدي کتابه وسنة نبيه محمدٍ - صلى الله عليه وسلم- من حوالک الظلم، أحمده سبحانه وأشکره على عظيم ما تفضَّل وجزيل ما أنعم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريک له الأعز الأکرم، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله، أنزل عليه الکتاب والحکمة وعلَّمه ما لم يکن يعلم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أمَّا بعد:
فإنَّ القرآن الکريم هو حبل الله المتين، وصراطه المستقيم، هو الملاذ عند الفتن، وهو المنقذ عند المصائب والمحن، " لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يَخلق عَلَى کثرة الرد، ولا يشبع منه العلماء، ولا تنقضي عجائبه، مَنْ قال به صدق، ومَنْ حکم به عدل، ومَنْ عمل به أُجر، ومَنْ دعا إليه هُدي إلى صراطٍ مستقيم"([1])، تکفَّل الله لمَنْ قرأه وعمل بما فيه، ألا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، ومَنْ ترکه وهجره ونسيه؛ خسر الدنيا والآخرة، ذلک هو الخسران المبين، قال –  تعالى - : { فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِکْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْکًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ کُنْتُ بَصِيرًا (125)قَالَ کَذَلِکَ أَتَتْکَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَکَذَلِکَ الْيَوْمَ تُنْسَى}([2])
ولمَّا کان القرآن بهذه المکانة العالية، وتلک المنزلة السَّامية، وجَّه العلماء إليه أنظارهم، وعلَّقوا به قلوبهم، وراحوا يستضيئون بنوره، وينهلون من معينه، ويعتنون بعلومه، ويستخرجون کنوزه، ويستنبطون معانيه، ويتدبرون آياته؛ليصلوا إلى سعادة الدنيا وخير الآخرة، موقنين أنَّه لا شرف إلا والقرآن سبيلٌ إليه، ولا خير إلا وفى آياته دليلٌ عليه، وقد بذلوا في سبيل تحقيق ذلک الغَاليَ والنَّفيسَ.
وکان من بين هؤلاء الأعلام الذينسخروا أقلامهم، وأفنوا أعمارهم في خدمة کتاب ربهم: الشيخ أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري المتوفى سنة (1192هـ)، والذي قام بتفسير بعض قصار سور القرآن من أول سورة الضحى إلى آخر سورة الناس في کتابٍ وسمه بــــــ( الفيض العميم في معنى القرآن العظيم).
وقد اطَّلعتُ – بعون الله وتوفيقه – على هذا السِّفر القيِّم، وقرأتُه قراءةً متأنية، فشرح الله صدري لکتابة هذا البحث المتواضع حول منهج الشيخ الدمنهوري في هذا التفسير، وسمَّيتُه: (منهج العلامة الدمنهوري -ت 1192ه- في تفسيره المسمى بــــــــ" الفيض العميم في معنى القرآن العظيم) .   
وکان من أهم الأسباب التي دفعتني إلى اختيار هذا الموضوع:
(1) القيمة العلمية لهذا الکتاب حيث حوى بين دفتيه کثيرًا من العلوم المتعلقة بالقرآن الکريم.
(2) إلقاء الضوء على علَم فذّ، وجهبذ من جهابذة عصره، حتى ينال حقه من العناية بمؤلفاته، والتکريم لاسمه.
(3) بيان جهود بعض علماء الأزهر الشريف في تفسير القرآن الکريم من خلال رؤيةٍ منهجيَّة لتفسير الشيخ الدمنهوري – رحمه الله – تُبرزُ قدره، وتُبيِّنُ مکانته، وتُوضِّحُ مدى التزامه بقواعد التفسير وأصوله،وفي ذلک - إن شاء الله تعالى- کشفٌ لذخائر تراثنا الإسلامي الزاهر، وتقديرٌ لجهود علمائنا الأفاضل ووفاء ببعض حقهم علينا.
(4) إفادة شخصي الضعيف من علم هذا الرجل - خاصةً ما يتعلق بأصول التفسير وقواعده-؛ حيث يتعرض الباحث لکثير من القضايا العلمية، تفسيرية، وفقهية، وأصولية، ولغوية، ونحوية، وبلاغية وعقدية، وغير ذلک، ممَّا يکون له عظيم الأثر في إثراء شخصيته العلمية.



([1]) جزء من حديث أخرجه الترمذي في سننه – أبواب فَضَائِلِ الْقُرْآنِ -  باب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ القُرْآنِ (5/172) رقم (2906)، وقال: «هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ وَإِسْنَادُهُ مَجْهُولٌ، وَفِي الحَارِثِ مَقَالٌ»، وقال محققه: " ضعيف".


([2]) طه:123 - 127.