الحمد لله على عطاياه التى لا نحصيها عددًا، ولا نعرف لها أمدًا، ولا تنقطع عنا أبدًا، حمدًا نبلغ به رضاه، ونستدر به نعماه، اللهم ووفقنا لکل ما ترضاه، وبلغنا من الخير منتهاه، واهدنا فى الدنيا إلى ما نحمد فى الآخرة عقباه، لک الحمد والمنة، ومنک الإحسان والنعمة، والصلاة والسلام على نبيک ومصطفاک سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد،، فکما عُنِيَ العربُ بالمعنى فحرصوا على شرف المعنى وصحته، وجِدَّتهِ وطَرَافَتِهِ، عُنُوا کذلک باللفظ فاهتموا بجزالة اللفظِ واستقامته، وجودة السَّبکِ، وحُسْنِ الترکيب. ولم يقف الأمرُ عند الأدباء والبلاغيين الذين حذروا من تنافر الحروف، وتنافر الکلمات، وتکلُّف السجع، والتعقيد الفظي، وإنما کان للنحويين في هذا الميدان سهمٌ وافرٌ، فإنَّ من يطالع کتب النحويين يجد أبواباً بأکملها کـ(الإعلال والإبدال) وظواهر نحوية عديدة کـ(التعويض، والتخلُّص من توالي أمثال) وغيرها مما يدور في فلک العناية بالألفاظ من حيث إصلاحها، وتهذيبها، وتيسير النطق بها، ومراعاة أحکامها. کما نجدهم يعلِّلون بعضَ أحکامهم بأنهم فعلوا ذلک إصلاحاً للفظ . وقد دفعني للکتابة في هذا الموضوع أنَّ الإمام أبا الحسين بن أبي الربيع (688هـ) ذکر في کتابه البسيط 2/743-744 بعضاً من مواضع إصلاح اللفظ، ثم قال:"ولهذا نظائر کثيرة" فأثار ذلک في نفسي تساؤلاً حول(الفساد أو الخلل) الذي استدعى هذا الإصلاح، فتوجَّه القصْدُ إلى جمعِ هذه النظائر- ما أمکن- ودراستها، بحيث تتضح دواعي هذا الإصلاح ومظاهره، فکان بعنوان (إصلاحُ اللفظ دواعيه ومظاهره)