السبق العلمي في تشريعات القرآن الکريم "أسسه وغاياته"

المؤلف

المستخلص

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
فمما هو معلوم بداهةً أن الله عز وجل هو خالق الخلق، العالم بما يضرهم، وما ينفعهم، وما يصلح أحوالهم ونظام حياتهم.
لذا کان التشريع الإسلامي الذي رسمه لهم بواسطة رسله الکرام عليهم السلام ويطالبهم بالتزامه وتطبيقه هو النظام الوحيد الصحيح الصالح لهم , حيث انه سبحانه خالق الکون والإنسان والحياة الخبير العليم بهم وبما يصلحهم. قال تعالى: " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير." (الملک آية: 14)
بل إن علمه تعالى مطلق لا حدّ له. قال تعالى:" ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد." (ق آية: 16) والله سبحانه وتعالى لم يخلق البشر عبثا. " وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق." (الحجر آية: 85)
وحدد سبحانه الغاية والقصد من الخلق فقال: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون." (الذاريات آية: 56)
إذن فقد خلقنا للعبادة وفق منهج الله وشرعه لأن في ذلک صلاحنا واستقامة أمرنا في دنيانا وآخرتنا ولن يکون ذلک إلا بتطبيق شرع الله والالتزام بنهجه ,  والسير على هدي رسوله صلـى الله عليه وسلم.
إن الحديث عن السبق العلمي في تشريعات القرآن الکريم يقود إلى منهج حياة متکامل قادر على الوصول بالبشرية إلى شاطئ الأمان , وهذا البحث ما هو إلا محاولة متواضعة للوصول إلى هذه الحقيقة لندرک بالتالي کم تکون خسارة الأمة لا بل خسارة البشرية عندما لا تحکم هذا المنهج في حياتها لأنه وحده سفينة الإنقاذ لکل البشر.
ونعني بالسبق العلمي أن القران الکريم جاء بتشريعات وعلوم سبق بها کل البشر، إذ لم تکن هذه العلوم والتشريعات موجودة وقت نزول القرآن، وکانت البشرية أمية في الکثير من العلوم والمعارف، ولم تتوصل إليها إلا بعد تراکمية علمية امتدت لمئات السنين.
وقد سن القرآن الکريم تشريعات حکيمة موافقة لفطرة الإنسان وملبية لمتطلباته المادية والروحية ولم تظهر حکمتها إلا حديثا.
وفي ظل هذا التقدم العلمي المذهل وافتتان الناس بالعلم ومخرجاته أصبح الحديث عن السبق العلمي في مجال التشريع وسيلة مناسبة لأهل هذا العصر لندلل به على أن هذه التشريعات غير مسبوقة وأنها من الله عز وجل.
 
 
الدکتور زکي مصطفى البشايره
جامعة العلوم الإسلامية العالمية / الأردن