الأسلوب البلاغي " الإيجاز بالحذف" وأثره في التفسير

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ مشارک (في التفسير وعلوم القرآن) کلية الإمام مالک للشريعة والقانون بدبي.

المستخلص

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده لله فلا مضل ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريک له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله {صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً کثيراً} ، قال تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) }[آل عمران]، وقال تعالى:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّکُمُ الَّذِي خَلَقَکُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً کَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ کانَ عَلَيْکُمْ رَقِيباً }[ النساء:(1)]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَکُمْ أَعْمَالَکُمْ وَيَغْفِرْ لَکُمْ ذُنُوبَکُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)}[الأحزاب].
أما بعد:
فإذا کان من أهداف علم البلاغة معرفة إعجاز القرآن...فإن من أبرز أهداف علم المعاني الاسهام في الکشف عن المعنى المراد، وإيضاح تفسير الکلام، ولذا قالوا من فوائده: معرفة ما يستفاد من الکلام ضمناً بدلالة القرائن. ويعد من أهم مباحث علم المعاني مبحث الإيجاز بأنواعه ...حتى قال عبد القاهر الجرجاني في باب القول في الحذف: " هو باب دقيق المسلک، لطيف المأخذ، عجيب الأمر، شبيه بالسحر، فإنک ترى به ترک الذکر أفصح من الذکر، والصمت عن الإفادة أزيد للإفادة، وتجدک أنطق ما تکون إذا لم تنطق، وأتم ما تکون بياناً إذا لم تبن..." ([1]).
لا بل قالوا إن هذا المبحث يجعل بين السامع وبين النص علاقة ذهنيه لأجل الکشف عن المحذوف من النص، ولهذا سماه بعض علماء البلاغة " شجاعة العربية " لأنها تشجع القارئ أو السامع للکلام على الإدلاء بدلوه للکشف عن المحذوف من الکلام، ومعرفة المراد منه.
مع العلم بأن علماء البلاغة عندما تحدثوا عن مبحث الإيجاز بالحذف لم يقتصروا على الفائدة السابقة التي ذکرناها وهي المساهمة في الکشف عن المعنى المراد أو التفسير، وإنما جعلوا له جملة أهداف وفوائد منها: التحذير، والإغراء، والتفخيم، والتخفيف لکثرة وروده، والتحقير، وغيرها، ومع ذلک فلا تقف أغراض وفوائد الحذف على التي تم ذکرها فقط وإنما تتعدها لکثير من الفوائد والأغراض التي يستنبطها المتأمل عند الوقوف على معرفة المحذوف... وسوف يتم الإقتصار في هذا البحث على الکشف عن أثر الإيجاز بالحذف في التفسير والمساهمة في بيان المعنى المراد من الآيات، ونقف على نماذج من الآيات القرآنية التي تم استعمال هذا الأسلوب البلاغي فيها وبيان أثره في فهم الآية وتفسيرها، وأنه من دون إعمال قاعدة الإيجاز بالحذف قد يُشکل على المفسر فهم بعض الآيات تارة، أو قد يُفسرها على غير مرادها تارة أخرى.
 وقد جاء البحث على ثلاثة فصول تحت کل فصل مباحث على الشکل الآتي.
الفصل الأول: الإيجاز بالحذف تعريفه وأهميته وعلاقته بالمجاز.
                  المبحث الأول: تعريف الإيجاز بالحذف وأهميته.
                  المبحث الثاني: علاقة الإيجاز بالحذف بالمجاز.


الفصل الثاني: ضوابط إعمال الحذف في الآيات القرآنية وأدلته.
               المبحث الأول: ضوابط إعمال الحذف.
               المبحث الثاني: أدلة تعيين المحذوف.
الفصل الثالث: أثر الحذف في التفسير.
               المبحث أول: أثر الحذف في تفسير آيات العقيدة.
             المبحث الثاني: أثر الحذف في تفسير آيات الأحکام.



([1])  انظر: الجرجاني. دلائل الاعجاز: 39.