سر الواحد الأحد في ﴿لَآ أُقۡسِمُ بِهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ﴾ لمحمد عارف بن أحمد بن سعيد المُنَيِّر الحسيني الشافعي (المتوفى سنة 1342هـ) دراسةً وتحقيقًا

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

وکيلة عمادة شؤون الطلاب لشطر الطالبات أستاذ التفسير المساعد بقسم الدراسات الإسلامية جامعة تبوک

المستخلص

ملخص البحث
فهذه رسالةٌ قيمةٌ في علم التفسير: للعالِـم الشيخ محمد عارف بن أحمد بن سعيد الـمُنيِّر؛ الدمشقي الحسيني الشافعي (ت 1342هـ)؛ عنوانها: سر الواحد الأحد في: ﴿لَآ أُقۡسِمُ بِهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ.
أتى فيها على تفسيرِ کاملِ آيات سورة البلد؛ ذاکرًا السببَ الباعثَ على ذلک؛ وهو: ليکون أغنياء المسلمين مُسعِفين لفقرائهم، وأن يعرفوا حقهم؛ فلا يُسلِمُوهم ولا يخذلوهم.
وقد مهَّدَ لرسالته بعددٍ من المباحث؛ هي: (عِظَم البسملة وفضلها وخواصها)؛ و(ما جاء في الحِلْم والحِدَّة والکرم والبخل)؛ و(أسماء الله الحسنى). ثم ختم رسالتَه بنصيحةٍ في: (الصدقة والدعاء).
وقد امتاز منهجه في التفسير: بأنه تفسيرٌ بالمأثور؛ مع استکمال آلاته ومواده؛ من شرح الغريب، وضبط مُشکِل الألفاظ کتابةً، وبيان المصطلحات، والـحُکْم على بعض الروايات، والعناية باختلاف ألفاظها وشرح معانيها، والاستشهاد بالشِّعْر والـمَثَل؛ مع تبيين الأحکام الشرعية، وتعليل بعض الاستعمالات الأصولية، وتصحيح بعض المفاهيم المغلوطة بين المسلمين، وبعض الافتراءات الصادرة عن غير المسلمين؛ إضافةً إلى إبرازه جانبَ مداواة النفوس، وربط تفسيره بمشاهدات واقعه، وتمام نصحه لعامة المسلمين وخاصتهم.
هذا؛ وإني قد عُنِيتُ بخدمة نص هذه الرسالة، وإخراجها وفق المنهج العلمي، وعزوتُ ما فيها من الآيات إلى سورها، وخرَّجتُ أحاديثَها وآثارَها، ونسبتُ شِعرَها ومَثَلها، ووثقتُ النصوصَ المنقولةَ فيها، وعلقتُ على ما يحتاج فيها إلى تعليق.
وقد سرتُ في تحقيقها وفق خطةٍ تتألف من قسمين؛ کان القسم الأول منهما: (في الدراسة)؛ وهي من فصلين: فصلٍ يتعلق بالتعريف بالمؤلف، وفصلٍ يتعلق بالتعريف بالرسالة. ثم القسم الثاني: (للنص المحقق)، وأعقبتهما بخاتمةٍ، ثم فهرست المصادر والمراجع
مقدمة البحث
 
الحمد لله موفق من شاء إلى هدايته، والصلاة والسلام على المبعوثِ برسالته، وعلى آله وصحبه الـمُصطَفَيْن برعايته، الـمُختارِين بعنايته؛ صلاةً وسلامًا دائمين إلى يوم حوضه وشفاعته، وبعد ..
فما فتئت بلادُ الشام المبارکة تُخرِجُ لنا أئمةً أبرارًا وعلماءَ أخيارًا؛ أفضَوْا إلى الله بما قدَّموا، واستخلفوا في مشهد الأحياء ما أخَّروا؛ فَمِنْ قراطيسَ تبثُّ علومَهم وفنونَهم، ودروسٍ وحِلَقٍ بعثَتْ في الدنيا أمثالَهم، وإصلاحاتٍ وبرکاتٍ جادَتْ بها نفوسَهم وقرائحَهم؛ فجزاهم الله عن أمة نبيه e خيرًا؛ وادَّخرَ لهم من ذلک ما يرفع عنهم لأواءَهم في کل وقتٍ وحين.
وإن من العلماء الشاميين المتأخرين الـجِلَّة: الشيخَ محمد عارف بن أحمد بن سعيد الدمشقيَّ الحسينيَّ الشافعيَّ؛ المعروفَ بـ (ابن الـمُنيِّر)؛ المتوفى في القرن الهجري الماضي سنة (1342هـ)؛ والذي خلَّف في الخزانات ما يربو الستين رسالةً وکتابًا متنوعةَ العناوين؛ کُلُّها تُنبِينا عن سعة علمه وتفننه؛ لکننا -ومع الأسف- لم نرَ من عُنِيَ بتراثه دراسةً وتحقيقًا؛ إلا تحقيقًا غُفْلًا باردًا في حدود الرسالتين أو الثلاثة.
وقد وقفتُ على رسالةٍ له بخطه في علم تفسير القرآن الکريم؛ سماها: سرَّ الواحد الأحد في: ﴿لَآ أُقۡسِمُ بِهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ؛ هي واحدةٌ ضمن عشراتٍ لم تطلها يدُ الخدمة والإذاعة؛ وقد لاحت رغبتي في إخراجها وإفادة الناس منها.
ولا أذيع سرًّا أن نشرَ هذه الرسالة في وضعها وترتيبها، وسهولةِ أسلوبها وعرضها: يُعَدُّ إحدى تلکم الـمُغرَيات الخيِّرة التي تُعِينُ العامةَ على إفهامهم کلامَ رب العالمين I؛ فضلًا عن أن المنهجَ المزجيَّ الذي سلکه في التفسير بالمأثور، والتنويع بين التوظيفات والأدوات: من أجلِّ ما يُفَادُ منه الخاصةُ من طلاب علم التفسير وعلوم القرآن الکريم في عصرنا.
لقد أثرى ابن الـمُنيِّر رسالتَه هذه في تفسير سورة البلد؛ سواءٌ من خلال: ما مهَّده لها من مباحث؛ هي: (عِظَم البسملة وفضلها وخواصها)؛ و(ما جاء في الحِلْم والحِدَّة والکرم والبخل)؛ و(أسماء الله الحسنى).
أو من خلال: مسالکه في تفسير ألفاظ الآيات ومعانيها؛ نحو: شرح الغريب، وضبط الألفاظ الـمُشکِلَة کتابةً، وبيان المصطلحات الشرعية، والعناية باختلاف ألفاظ الروايات، والحکم على الأحاديث والآثار وشرح بعضها، والاستشهاد بالشعر وأمثال العرب.
أو حتى من خلال: تبيين الأحکام الشرعية، والتعليل لبعض استعمالات الأصوليين، خلا تصحيحه بعضَ المفاهيم الشرعية المغلوطة بين المسلمين، وردِّه بعضَ الافتراءات الصادرة عن غير المسلمين.
کل ذلک .. مع ربطِ التفسير بمشاهدات الواقع الذي يعايشُه؛ والترکيزِ على علاج أمراض القلوب وآفات النفوس؛ بغرض إصلاح المجتمع المسلم.
هذا؛ وإني قد عُنِيتُ بخدمة نص هذه الرسالة وإخراجها وفق المنهج العلمي؛ وعزوتُ ما فيها من الآيات إلى سورها، وخرَّجتُ أحاديثَها وآثارَها، ونسبتُ شِعرَها ومَثَلها، ووثقتُ النصوصَ المنقولةَ فيها، وعلقتُ على ما يحتاج فيها إلى تعليق؛ وقد سِرتُ في ذلک کله وفق الخطة الموضوعة بالبحث.