الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، أما بعد: فهذا بحث بعنوان: (شخصية السندباد في الشعر السعودي)، وهو يندرج ضمن قضية توظيف التراث في الشعر، وهي قضية کبرى، عني بها النقاد المعاصرون، فدرسوا مفهوم التراث، ومصادر التراث، وأساليب توظيفها في النص الأدبي، والآثار المترتبة على توظيفها. وقد اتضح أن شخصية السندباد حضرت عند عدد کبير من الشعراء السعوديين، ولم تکن النماذج الواردة في هذا البحث إلا عينات، جاءت على سبيل التمثيل لا الحصر، ولم يکن حضور السندباد في متون قصائدهم فحسب، بل حضر في عناوين قصائدهم ودواوينهم أيضًا، کما امتد حضوره على مدى عقود من الزمن، وهذا يعکس استمرار افتتان الشعراء السعوديين بالسندباد ورحلاته. برز عند توظيف السندباد في الشعر السعودي نمطان فنيّان: أما النمط الأول: فيکون فيه السندباد عنصرًا من صورة جزئية، والغالب أن تکون دلالة السندباد هنا نمطية، وإن ظهرت بعض الصور الجزئية المبتکرة، کما عند الشعراء: عبدالعزيز خوجة، وغازي القصيبي، ومحمد الهويمل. وأما النمط الآخر: فيکون فيه السندباد محورًا رئيسا في صورة کليّة، ولهذا النمط أسلوبان: يتمثل الأول في أسلوب المعادل الموضوعي، حيث يتخذ الشاعر من حال السندباد معادلا لحال أخرى، قد تکون للشاعر أو لغيره، وأمثلة هذا الأسلوب محدودة، وقد برز عند الشاعر محمد الخطراوي. ويتمثل الآخر في أسلوب القناع، حيث يتقمص الشاعر شخصية السندباد، فيقول على لسانها ما يوافق تجربته الخاصة، ولا يتعارض مع ما هو معروف عن شخصية السندباد، وبرز هذا الأسلوب عند الشاعرين: غازي القصيبي، وصالح الزهراني.