الشباب والمشيب في شعر المتنبي دراسة بلاغية تحليلية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس البلاغة والنقد في کلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة جامعة الأزهر

المستخلص

يتلخص هذا البحث في أن المتنبي ليس کأي إنسان، بل ليس کأي شاعر، فهو شاعر القوة والحکمة، فـ " لم يکن المتنبي ممن شغفوا بمحاسن الطبيعة وأسرارها، ولکنه کان ممن يقبلون بجملتهم على جهاد الحياة في وسط المعمعة، فيحصون عليها هزائمها وانتصاراتها، ويکتبون لها حسناتها وسيئاتها، وکان الرجل أشبه رجال القول برجال العمل في الخلق والمزاج، فأقبل على الجهاد في عصره عاملا، کما أقبل عليه مترقبا دارسا؛ فأعانه ذلک على تقييد ضوابطه وتعليق شوارده، وأخرج لنا من شعره معرضًا واعيا لکل ما يعتلج بالنفس المجاهدة." ([1])
ويبرز ذلک جليا في  عدة أمور:
أولا:  کان  في صباه يتحرق شوقًا إلى الشباب الذي يمنحه القوة والحرية، ولذا وجدناه يلوم نفسه على عدم استغلاله لهذا الشباب الذي کان يتحرق لبلوغه لإدراک ما يريد إدراکه، ونيل ما يتمنى نيله.
 
ثانيًا: کان يعنف الشيب ويکرهه إلا أنه يرى أن للشيب فوائد للمرء لا تتوفر له في الشباب، وهذا استسلام منه للشيب، إلا أن ذلک لم يثنه عما أراده لنفسه، ولم يفت من عضده أو يقلل من رغبته في نيل المعالي؛ فإن له نفسًا وهمة لا يمکن أن يدرکها الشيب أو ينال منها الضعف والعجز.
 
ثالثًا: وظف المتنبي عنصري الشباب والمشيب في شعره، واستعملهما في شتى الأغراض ومختلف المقامات.
 
رابعًا: شعر المتنبي  لا يعبر عن نفس صاحبه خاصة، بل إنه يعبر عن النفس الإنسانية عامة، وأظن أن تلک السمة هي صاحبة الفضل في نيل الشاعر ما ناله من منزلة ومکانة بين شعراء عصره، وما سبقه ولحقه من عصور.
 
خامسًا: کان المتنبي يتعمد الغموض والمستغلقات في شعره، بل ربما کانت يتعمد تلک السرقات التي اتهم بها، والذي دفعه إلى ذلک - من وجهة نظري- حب الظهور والشهرة.



([1]) مطالعات في الکتب والحياة لعباس محمود العقاد، دار الفکر1978م، ص141

الكلمات الرئيسية