المعتزلة فرقة کان لها من الآراء والأفکار ما خالفت به السائد في العالم الإسلامي وقت ظهورها؛ فإنها قد أثارت لغطا وجدلا صاحبها في کل آرائها، واتجهت أنظار الناس إلى هذه الفرقة بأصولها ومبادئها، بين مؤيد مناصر يرى في الاعتزال وأهله فکرا إسلاميا خالصا، يدافع عن الإسلام، ويرد عنه الکيد والشبهات، ويتسلح بأسلحة الفرق المخالفة في الجدال والمناظرة، فهم أولى الناس بالدفاع عن الدين، وبين مغال معادٍ يرى أن المعتزلة قد خالفت الأصول، وخرقت إجماع المسمين في کثير من الآراء، وهم أبعد الفرق عن نصرة الإسلام والدفاع عنه، وبينهما فريق يبحث في آراء المعتزلة فيميز بين الغث والثمين، ويفند الآراء بين إيجابيات تستحق الثناء والدفاع، وسلبيات تستحق الرد والنقض. وقد استمرت هذه المناهج أو الاتجاهات الثلاثة منذ ظهور المعتزلة حتى وقتنا هذا، فما زال اختلاف الناس في الحکم على المعتزلة يتنوع بين مؤيد ومهاجم ومنصف، فکانت هذه الاتجاهات الثلاثة في العصر الحديث.
وقد قام الباحث بعرض اتجاهات المعاصرين في الحکم على المعتزلة، ودراسة هذه الاتجاهات، والتعليق عليها، وليس المقصود بيان التأثر بالمعتزلة أو عدمه، وإنما المقصود بيان الموقف من الحکم على المعتزلة.
وقدختم الباحث بجملة نتائج أهمها: 1 – المعتزلة من الفرق التي لها مکانة في الفکر الإسلامي، ولآرائها صدى بالغ وتأثير عميق في محيط الفرق الإسلامية، وقد أصبح المنهج العقلي الذي سار عليه المعتزلة في استدلالهم منهجا عاما تأثر به عدد من الفرق الإسلامية، وکثير من أصحاب الأفکار ساروا على نهجهم، إما تأثرا، أو مناصرة وتأييدا. 2 – دارت الاتجاهات حول أفکار المعتزلة بين ثلاث طوائف، طائفة تهاجم المعتزلة وتنقد آرائهم، وترفض الاعتراف بهم، وأخرى تتبنى آراءهم وتدعو للأخذ بها، وطائفة توازن في الحکم بين سلبيات يجب التنبيه عليها، وإيجابيات يُمدَحون بسببها. 3 – أصاب کل فريق من أصحاب الاتجاهين الأولين في جانب وأغفل جانبا آخر، فأصحاب اتجاه نقد المعتزلة هاجموا آراءهم، ولم يلتفتوا إلى المواطن التي أصاب فيها المعتزلة مثل دفاعهم عن الدين ودورهم في إعمال العقل ووجود شخصيات اعتزالية بارزة، ونظر أصحاب اتجاه التمجيد إلى مآثر المعتزلة دون نظر إلى مواطن الضعف في استدلالهم وآرائهم التي خالفوا بها جمهور المسلمين، مثل مغالاتهم في الاعتماد على العقل وتأثرهم بالفلسفة والمنطق اليوناني. 4 – منهج الموازنة في الحکم على المعتزلة هو المنهج الأصوب في الحکم على الأفکار والفرق، لأن المعتزلة -وهي تمثل فرقة إسلامية خالصة- لها من الآراء ما يمثل نضجا عقليا وصورة صحيحة للمنهج العقلي الإسلامي، وفي المقابل فإن لها من الآراء ما يمثل ابتعادا عن المنهج الإسلامي الصحيح. لذا فإن من الإنصاف عند الحديث عن المعتزلة التجرد في الحکم، والنظر بعين الإنصاف، مع تحديد الإيجابيات، والنص على السلبيات.
عثمان, عبد التواب. (2017). الاتجاهات المعاصرة في الموقف من المعتزلة. الفرائد في البحوث الإسلامية والعربية, 34(2), 2167-2270. doi: 10.21608/bfsa.2017.27251
MLA
عبد التواب محمد محمد أحمد عثمان. "الاتجاهات المعاصرة في الموقف من المعتزلة", الفرائد في البحوث الإسلامية والعربية, 34, 2, 2017, 2167-2270. doi: 10.21608/bfsa.2017.27251
HARVARD
عثمان, عبد التواب. (2017). 'الاتجاهات المعاصرة في الموقف من المعتزلة', الفرائد في البحوث الإسلامية والعربية, 34(2), pp. 2167-2270. doi: 10.21608/bfsa.2017.27251
VANCOUVER
عثمان, عبد التواب. الاتجاهات المعاصرة في الموقف من المعتزلة. الفرائد في البحوث الإسلامية والعربية, 2017; 34(2): 2167-2270. doi: 10.21608/bfsa.2017.27251