الدخول على السلطان وأثره فى الحکم على الرواة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس الحديث الشريف وعلومه بکلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين - بالقاهرة

المستخلص

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريک له، وأن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، ثم أما بعد:
فإن علم رجال الحديث من أهم العلوم وأشرفها، إذ يتعلق بأحاديث رسول الله (^) ومعرفة صحيحها من سقيمها، ومعرفة رجال الإسناد وقبول روايتهم أو ردها، خاصة بعد ظهور الفتن ونشأة الفرق وابتداء الوضع، فکان العلماء يسألون الرواة عن أعمارهم وموطن ولادتهم ورحلاتهم وتاريخ وأماکن سماعهم من الشيوخ، کما کانوا يسألون عنهم أهل بلدتهم، وربما رافقوهم، وتتبعوا أحوالهم، ورصدوا أخلاقهم واختبروا حفظهم للوقوف على صدقهم من کذبهم، ووضعوا لذلک شروطًا، فمن توافرت فيه هذه الشروط قبلوه وقبلوا حديثه، ومن فقد شرطًا أو أکثر من هذه الشروط ردوه وردوا حديثه، وتفرع عن تلک الشروط التي وضعها هؤلاء الأئمة أمورٌ أخرى قد تقدح في الراوي وتنزل من قدره، أو ربما تکون سببًا في الطعن فيه، منها ما اتفقوا عليه کالکذب والتهمة به والفسق وغيرها، ومنها ما اختلفوا فيه، ومن هذه الأمور مسألة الدخول على الأمراء والسلاطين، وسبب هذا الخلاف تنوع الأحاديث الواردة في هذه المسألة.
فقد وردت أحاديث تزهد وتحذر من الدخول على الأمراء والسلاطين وقبول عطاياهم وهداياهم، وأحاديث أخرى ترغب في نصحهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنکر، ولا يتحقق ذلک إلا بالدخول عليهم.
فمن العلماء من أخذ بالأحاديث التي لا تبيح الدخول على السلاطين مطلقا سواء کان الدخول للنصيحة أوالموعظة أوالفتيا فى المسائل أوللعطاء والموافقة  فردوا رواية من يدخل عليهم وحکموا عليه بالضعف وجرحوه بهذا السبب خشية أن يفتنوا بهم ويرووا لهم ما يؤيدهم ويضعوا لهم الأحاديث التي توافقهم، ومنهم من أخذ بالأحاديث التي تبيح الدخول على السلاطين، فقبلوا رواية من يدخل عليهم ولم يلتفتوا إلى من يردها، وأباحوا الدخول عليه مطلقا ولم يعدوا هذا جارحًا، ومنهم من فصل القول في قبولها وردها بحسب الباعث على الدخول فإن کان للنصيحة والموعظة أوالفتيا فلاترد روايته ولا يعد ذلک جارحا ، وإن کان الدخول للعطاء والموافقة فترد روايته ويعد ذلک جارحا .
ونظرًا لأهمية هذه المسألة فقد کثر الکلام فيها بين أهل العلم حتى صنف فيها بعضهم مصنفات، منهم الإمام السيوطي ت 911هـ (رحمه الله تعالى) له کتاب نفيس سماه (ما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين)، وقد طبعته دار الصحابة للتراث ، طنطا ، مصر ، طبعة أولى سنة 1411هـ ، 1991م ،  والإمام الشوکاني ت 1250هـ (رحمه الله تعالى) ألف کتابًا سماه (رفع الأساطين في حکم المجيء إلى السلاطين) وقد طبع ضمن الفتح الربانى من فتاوى الإمام الشوکانى بمصر .
وهذا ما أفرد بالتأليف فيها، غير ما ذکر في ثنايا کتب الجرح والتعديل وعند علمائه، فأحببت في هذا البحث أن أدلي بدلوي في هذه المسألة الهامة من خلال بيان آراء کل طائفة من المحدثين وأدلتهم ومناقشتها وبيان الراجح منها وأثر هذه الآراء في الحکم على الرواة.
وقد قسمت هذا البحث إلى مقدمة وتمهيد وثلاثة مباحث وخاتمة.
المقدمة: وفيها أهمية الموضوع وبيان مصطلحات البحث.
المبحث الأول:  فيه آراء القائلين بمنع الدخول على السلاطين وأدلتهم ورد رواية من يدخل عليهم، وذکر بعض من ردوا بهذا السبب.
المبحث الثاني: فيه آراء القائلين بجواز الدخول على السلاطين وقبول رواية من يدخل عليهم، وذکر نماذج لمن قبلت روايتهم مع دخولهم على السلاطين.
المبحث الثالث: فيه قول من قال بالتفصيل في هذه المسألة، وبيان کل حالة وأثرها في الحکم على الرواة.
الخاتمة: وفيها ما تضمنه البحث من نتائج والفهارس العلمية .
والله أسأل أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الکريم وأن ينفع به الإسلام والمسلمين، وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الكلمات الرئيسية