الرواة الذين قال فيهم ابن حجر في تقريب التهذيب ( صدوق يهم ) وأخرج لهم البخاري في صحيحه

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المدرس بکلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر – فرع البنات بالقاهرة –

المستخلص

إن کتاب تقريب التهذيب  لشهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ( ت852هـ) من الکتب  الذي اهتم بها العلماء  لاحتوائه على رواه الکتب الستة ، وتقريب التهذيب  هو خلاصة جهود أئمة حفاظ  جمعوا ما عند سابقيهم بأمانة واستيعاب وزادوا وهذبوا ولخصوا وهؤلاء الأئمة هم عبد الغني المقدسي المتوفي(600 هـ ) صاحب کتاب الکمال في أسماء الرجال، والإمام المزي المتوفي (742هـ) صاحب کتاب تهذيب الکمال،والإمام الذهبي المتوفي (748هـ ) صاحب تذهيب تهذيب الکمال ، والعلامة مُغْلطاي المتوفي (762هـ ) صاحب کتاب إکمال تهذيب الکمال، وابن حجر المتوفي (852هـ )صاحب تهذيب التهذيب ، فهذه الأصول التى بني عليها هذا التقريب الذي جاء کالدر النضيد  فـي سياق امتـاز بالإيجاز والشمول  ([1] )0
فقد قال ابن حجر في مقدمة ( تقريب التهذيب )  أنني أحکم على کل شخص منهم بحکم يشمل أصح ما قيل فيه ، وأعدل ما وصف به ، بألخص عبارة ، وأخلص إشارة ، بحيث لا تزيد کل ترجمة على سطر واحد غالبًا ، يجمع اسم الرجل واسم أبيه وجده ، ومنتهى أشهر نسبته ونسبه ، وکنيته ولقبه ، مع ضبط ما يشکل من ذلک بالحروف ، ثم صفته التي يختص بها من جرح أو تعديل ، ثم التعريف بعصر کل راو منهم ، بحيث يکون قائمًًا مقام ما حذفته من ذکر شيوخه والرواة عنه ، إلا من لا يؤمن لبسه  0      
**ومما يشکل من عبارات الحافظ ابن حجر في کتابه هذا ما ذکره في المرتبة الخامسة من مراتب الرواة المذکورين فيه وإليه الإشارة (بصدوق يهم)، ويلتحق بذلک من رمي بنوع من البدعة، کالتشيع والقدر، والنصب، والإرجاء، والتهجم، مع بيان الداعية من غيره، کما يلتحق بهذه المرتبة غير ذلک من الألفاظ کصدوق يخطىء أو صدوق سىء الحفظ ، أو صدوق له أوهام ،أو تغير بآخرة ([2] )0
00ومن المعلوم أن الوهم جائز على الإنسان، ولا يقدح بالوهم اليسير في ضبط الراوي، ولم يسلم من الوهم والخطأ کبير أحد من الأئمة مع حفظهم0
قال ابن المبارک: ومن يسلم من الوهم ؟
وقد وهمت عائشة (رضي الله عنها) جماعة من الصحابة في رواياتهم للحديث0
وقد جمع في ذلک الإمام الزرکشي کتابه ( الإجابة فيما استدرکته عائشة على الصحابة) وقد طبع بتحقيق  العلامة الإستاذ سعيد الأفغاني ، ثم جمع السيوطي کتاب ( عين الأصابة ) وهو مطبوع في الهند  ، وتوجد منه نسخة خطية بدار الکتب الوقفية في حلب   ( [3])0
ووهم سعيد بن المسيب ابـن عباسt  (أنَّ النـبيr  تزَوَّجَ ميْمُونَةَ وهو مُحْرمٌ )([4])0
**وقد قسم ابن رجب الحنبلي رواة الحديث أربعة أقسام:
أولا: من هو متهم بالکذب ، وهذا القسم متفق على ترکه وعدم الاحتجاج به0
ثانيا: من هو صادق لکن يغلب على حديثه الغلط والوهم لسوء حفظه فأکثر المحدثين لا يحتجون بهم   0
ثالثا:  من هو صادق ويغلط أحيانًا، وهذا القسم هو المحتج بحديثه0
رابعا: من هو صادق ويخطيء کثيرًا ويهم  لکن لا يغلب الخطأ عليه فإن جمهور الأئمة الحفاظ يحتج بحديثه ، والمراد أنهم يحتجون بما علم أنه من حفظه ، ويجتنبون  ما علموا أنه غلط فيه ([5])0
** وقد وردت صيغة ( صدوق يهم ) في کلام الأئمة الحفاظ في عدد من التراجم، لکن استعمالهم لها لم يکن کثيرًا، وإنما أکثر استعمال هذه الصيغة الحافظ ابن حجر  في کتابه التقريب0
قلت : فالظاهر أن قيد ( صدوق يهم ) قيد يستعمله ابن حجر  في مواضع کثيرة  ، وهو أنه ما من راو موثق إلا وله بعض الأوهام ، وقد يستفاد من وصف الراوي بأنه (يهم)  أن له أوهاما متعددة  کما تشعر بذلک صيغة الفعل المضارع (يهم) ، ولکن هذه الأوهام ليست غالبه على حديثه ، وإلا لانحط الراوي إلى رتبة دون هذه مثل ضعيف0
** ومن نظر  في کتاب تقريب التهذيب  وجد جملة من رواة الصحيحين أو أحدهما قد حکم عليهم الحافظ ابن حجر بهذه المرتبة  ، ولذا کان موضوع البحث الکشف عن هؤلاء الرواة الذين قال فيهم ابن حجر في تقريب التهذيب ( صدوق يهم )وأخرج لهم البخاري في صحيحه ) ومناقشة ابن حجر نفسه في حکمه هذا لمثل هؤلاء ، ممن خرج له في صحيح البخاري ،  واستقصاء أقوال النقاد وأحکامهم على هؤلاء الرواة ، ومن ذلک النظر في کلام ابن حجر في کتبه الأخري0



[1] - تقريب التهذيب للحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (1/  ص4 -5) 0 ط : دار الفکر0


[2] - تقريب التهذيب (1 / 8)


[3] (  شرح علل الترمذي لابن رجب الحنبلي  1/159 )ط: دار الملاح للطباعة والنشر0


[4] - أخرجه البخاري في صحيحه ، کتـاب الحـج ، بـاب تَزْويـجِ الْمُحْـرمِ
( 2 / 652/1740) ، ومسلم في صحيحه  ، کتاب النکاح ، تحريم نکـاح المحرم 
(2 / 1031/1410) ، وأخرجه أبو داود في سننه  ، کتاب المناسک  ، باب المحرم  يتزوج(2/169/1845) قول سعيد بن المسيب :وهم ابن عباس في تزويج ميمونة وهو محرم0


[5] - شرح علل الترمذي لابن رجب ( 1/224  بتصرف بسيط)

الكلمات الرئيسية