ألفاظ الجرح والتعديل المختلف فيها بين المتقدمين والمتأخرين

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس الحديث الشريف وعلومه بکلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين - بالقاهرة جامعة الأزهر

المستخلص

إن من يطالع کتب الجرح والتعديل يتبين له مدى الجهد الذي بذله علماء السنة ونقاد الحديث في الحفاظ على سنة النبي ﷺ من التبديل والتحريف والزيادة والنقصان وتقييم رواة الحديث والحکم عليهم وبيان درجاتهم، من خلال النظر إلى سمت الراوي وهيأته وعقيدته، وهل هو من أهل العدالة أو ليس من أهلها، ثم بعد ذلک ينظرون إلى تحمله للحديث وأدائه له، وهل هو من أهل الخطأ القليل؟ أم أن له أخطاءً کثيرة أو هو فاحش الخطأ، وهل هو يحدث بالأحاديث المناکير ويکثر منها أم لا؟ وهل في حديثه اضطراب أو تخليط أو يقلب الأسانيد والمتون؟ أو عرف بالتدليس أو الاختلاط فيحکمون عليه بعد ذلک کله بأنه ثقة أو صدوق أو ضعيف أو متروک أو ساقط أو مُتهم أو غير ذلک مما يليق به.
وقد جاءت ألفاظهم في الحکم على الراوي متفقة حينًا، ومختلفة حينًا آخر تبعًا لاختلاف اجتهاداتهم في الحکم على الراوي، ولم يکونوا معصومين رحمهم الله تعالى ولکن کانوا يغلب عليهم الورعُ والدقةُ والأمانة والنَّصفة، والکمال المطلق إنما هو لله تعالى، والعصمة لنبيه ﷺ بفضل الله تعالى عليه، وصدرت منهم هذه الألفاظ: تَوَحُّدْ المصطلحات الحديثية واستقرارها الذي کان يمکن تحديده تقريبًا بالقرن الرابع وما بعده، کان الناقد منهم يقولها في الراوي، بحسب ما يتراءى له من حاله، تبعًا لمعرفته بأحاديثه ونقده مروياته، وتبيينه فيه قوة العدالة والضبط أو الضعف فيهما وقد رتبها ونسقها الحافظ ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى المتوفى (327هـ) بعض التنسيق، في کتابه «الجرح والتعديل»، ثم نسقها المتأخرون من أهل القرن الرابع وما بعده، في مراتب متجانسة للتعديل، ومراتب متجانسة للتجريح، وذکروها منسقة بعضها إثر بعض في المرتبة الواحدة، إفادة منهم أن بين اللفظ السابق واللاحق تغايرًا يقل أو يکثر أو يضعف أو يقوى.
وهذا التنسيق والتوحيد في المصطلحات، الذي قام به المتأخرون يعتبر مدلوله في ألفاظ المتأخرين، ولا يمکن أن ينفي التباين أو التغاير الذي وقع في عبارات المتقدمين؛ لأنها أقوال قيلت وسُجِّلت، وحفظت ونقلت کما هي([1]).
ومن أجل ذلک کانت معرفة «ألفاظ الجرح والتعديل» ومصطلحاتهم فيها أيضًا -ومعرفة قائليها- أمرًا مُهمًا جدًا، فهي أصل الجرح والتعديل ومعيار الحکم على الرواة، ومدار تصحيح الأحاديث وتضعيفها.
ونحتاج أيضًا إلى معرفة عبارات الجرح والتعديل وتحريرها، وما بين ذلک من العبارات المتجاذبة، ومعرفة اصطلاحات ومقاصد کل إمام من النقاد والمتکلمين في الرجال.



([1]) الرفع والتکميل في الجرح والتعديل (ص129)، للإمام اللکنوي رحمه الله تعالى، تحقيق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى، ط دار السلام، القاهرة، 2000م.

الكلمات الرئيسية